القرآن مليء بالأحداث التي وقعت وسجلها القرآن بدقة، ولم يعترض عليها المشركين الذي كانوا ينتظرون أي خطأ أو خلل، ليتخذوه حجة في تكذيب دعوة النبي صلى الله عليه وسلم. فعندما نزلت سورة المسد التي وعد الله فيها أبا لهب بنار جهنم: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ) [المسد: 1-3]. هذه السورة صريحة في تحديد مصير أبي لهب، وأنه سيصلى ناراً ذات لهب، وقد نزلت في بدايات الدعوة، وكان من الممكن أن يعلن أبو لهب توبته (ولو كذباً) ويقول للناس إني آمنتُ بالله، وهذا محمد يعدني بالنار!
ولو حدث ذلك فسوف يؤثر على عقيدة المؤمنين، ولكنه لم يحدث، لماذا؟ لأن منزل هذه السورة هو الله تبارك وتعالى وليس محمداً صلى الله عليه وسلم؟ فالله يعلم يقيناً أن أيا لهب سيموت كافراً فحدّد مصيره بشكل مسبق أنه سيصلى ناراً ذات لهب. ولو كان القرآن من تأليف محمد عليه الصلاة والسلام، لكان الأجدر به أن يتقرب من أبي لهب كونه من كبار القوم، ويعده بالجنة، ولكن هذه السورة تشهد على صدق قائلها... إنه الله تعالى.